بعد عشرين عامًا من الزواج، أصابه شعور بالملل والروتين. شعر أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار حاسم. عاد إلى المنزل ذات يوم وقال لزوجته:
"لقد كنت أؤدي واجبي تجاهكم طوال هذه السنوات، ولكنني الآن أشعر بأنني لا أستطيع الاستمرار. أريد أن أعيش ما تبقى من حياتي بعيدًا عنكم. الأولاد كبروا وأصبحتم قادرين على الاعتماد على أنفسكم. سأترك لكم ما يكفيكم، وأرجو أن تتقبلوا قراري."
جلست زوجته أمامه، متماسكة كعادتها، دون أن تدافع عن نفسها أو ترد على كلامه، رغم علمها بعلاقته بامرأة أخرى. لكنها طلبت منه طلبًا واحدًا:
"أريد منك شهرًا واحدًا فقط. أرجوك، اعتبره مكافأة نهاية خدمة."
تفاجأ الزوج وقال: "شهر؟ ولماذا؟"
ردت: "هذا كل ما أطلبه، وبعدها افعل ما شئت."
وافق الزوج على مضض. لكن كان لديها شرط إضافي: أن يتناول الغداء معهم يوميًا، وأن يحملها إلى غرفتها بعد كل وجبة خلال هذا الشهر.
في البداية، كان الأمر غريبًا عليه. عاد في اليوم التالي وتناول الغداء مع أولاده وزوجته. للمرة الأولى منذ سنوات، لاحظ تنظيمهم وأدبهم، ورأى زوجته تتحدث معهم بحكمة وحنان.
مع مرور الأيام، بدأ يلاحظ أشياء جديدة. رأى خصلات شعرها البيضاء التي لم ينتبه لها من قبل، وشعر بهزالها رغم جمالها المعتاد. تدريجيًا، بدأ يتغير. بات ينتظر لحظات الغداء بشوق، ولم يعد يشعر بالانزعاج وهو يحملها إلى غرفتها.
في منتصف الشهر، وجد نفسه يجلس بجانبها بعد أن يضعها في الغرفة، وأصبح يقضي الوقت معها، يقرأ أو يتحدث. لكن لاحظ يومًا أنها تتناول دواءً. سألها عنه، فأجابت بأنه مجرد مسكن للصداع.
اقترب الشهر من نهايته، وفي يوم ما تلقى رسالة من المستشفى تطالبه بالرد العاجل لإتمام أوراق عملية جراحية لزوجته لاستئصال ورم خطير. كانت المفاجأة كبيرة. عرف حينها أن الدواء لم يكن مسكنًا عاديًا، بل مخدرًا لتخفيف ألمها.
ركض إليها وهو يبكي، وقبل يديها قائلاً:
"لماذا أخفيت عني مرضك؟ لماذا تحملتِ كل هذا الألم وحدك؟"
ردت بهدوء: "ما الفائدة؟ كنت أريد أن أعيش معك شهرًا سعيدًا أخيرًا. هذا الشهر كان أجمل مكافأة لي بعد كل تلك السنوات."
انهمرت دموعه وتعهد:
"أقسم بالله أنني سأعوضك عن كل لحظة ألم عشتها، وعن كل شعرة بيضاء ظهرت في شعرك بسببي. سأكون بجانبك ما دمت حيًا."
ذهبوا إلى المستشفى، وأجريت العملية بنجاح. لكن النجاح الأكبر كان في حياتهما التي بدأت من جديد بعد العملية.
إذا كان بيتك نظيفًا، وأولادك متربين تربية صالحة، وملابسك مرتبة، وطعامك جاهز دائمًا، فتذكر أن وراء كل ذلك امرأة تسهر على راحتك دون أن تطلب مقابلًا. انظر بعين التقدير، وراجع نفسك قبل أن تندم. أنت المحظوظ دائمًا.
قد يهمك أيضا قرأة : قصة امرأة جزائرية تُذهل الشيخ عبد الله بن بيه باستفسارها المثير في بث مباشر